في أحدث موجات الجدل التي تضرب الساحة السياسية والاجتماعية في إيران، عاد اسم علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، ليتصدر محركات البحث العالمية والمنصات الاجتماعية. هذه المرة، لم يكن الأمر متعلقاً بملف سياسي أو أمني، بل بـ حفل زفاف ابنة علي شمخاني وفيديو مسرّب يكشف عن تفاصيل حفل وُصف بـ "الباذخ" في أحد أفخم فنادق طهران. الفيديو أثار عاصفة من الانتقادات الحادة، وصلت إلى حد اتهام المسؤولين بـ "ازدواجية المعايير". فما هي قصة هذا الحفل؟ وما هو الرد الغاضب الذي أطلقه شمخاني شخصياً على منتقدي حفل زفاف ابنته؟

تفاصيل الحفل المسرب: فستان زفاف ابنة شمخاني يثير الجدل

عاد الحديث عن حفل زفاف ابنة علي شمخاني إلى الواجهة بقوة خلال الأيام القليلة الماضية، على الرغم من أن الحفل نفسه أُقيم سابقاً (في إبريل 2024 وفقاً لبعض التسريبات). إلا أن مقطع فيديو حديث التداول نشره ناشطون إيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي، أظهر مشاهد لم تكن معلنة سابقاً.

• موقع الحفل وفخامته: تشير المعلومات المتداولة إلى أن الحفل أُقيم في فندق "إسبيناس بالاس" الفخم في طهران، وهي قاعة تعتبر من أرقى وأغلى الأماكن لإقامة الحفلات في العاصمة الإيرانية، مما أثار تساؤلات حول التكلفة الباهظة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن الإيراني العادي.
• "فستان العروس" في بؤرة الانتقاد: كان محور الجدل هو فستان زفاف ابنة شمخاني الذي ظهرت به العروس "فاطمة" في الفيديو، حيث وُصف بأنه مكشوف الكتفين والصدر، وهو مظهر اعتبره المنتقدون "مخالفاً بشكل صارخ للقيود الصارمة المفروضة على زي النساء في إيران"، والتي تطبقها "شرطة الأخلاق" على عامة الشعب.
• اتهام بازدواجية المعايير: ربط المنتقدون بين فخامة الحفل ولباس العروس وبين الخطاب الرسمي للنظام الذي يدعو إلى التقشف والالتزام بالضوابط الشرعية، معتبرين هذا دليلاً على ازدواجية المعايير في إيران بين المسؤولين وعائلاتهم وبين المواطنين.

رد شمخاني الناري "بالعبرية": "أيها الأوغاد ما زلت حياً"

في تطور مفاجئ، لم يصمت علي شمخاني طويلاً أمام موجة الانتقادات، بل اختار رداً عنيفاً ومباشراً عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً).

• الرسالة المشفرة: نشر مستشار المرشد الإيراني رسالة مقتضبة باللغة العبرية قال فيها: "ממזרים, אני עדיין חי!!" (أيها الأوغاد، ما زلت حياً!).
• توجيه الاتهام للخارج: فُهمت هذه العبارة على نطاق واسع في الأوساط الإعلامية والسياسية على أنها رسالة موجهة إلى إسرائيل، ملمحاً إلى أن جهات خارجية (مثل الموساد الذي شارك حساب منسوب إليه الفيديو) تقف وراء تسريب فيديو زفاف شمخاني لغرض التشويه.
• تكرار الرد: أكد شمخاني رده لاحقاً لوكالة "فارس" الإيرانية، مشيراً إلى أن هذه هي إجابته على الجدل المثار حول زفاف ابنته.

تحليل الجدل: نفاق المسؤولين الإيرانيين أم تصفية حسابات؟

يثير جدل زفاف شمخاني تساؤلات عميقة حول طبيعة الحياة الخاصة والعامة للنخبة الحاكمة في إيران:

• انتقاد داخلي حاد: تركزت الانتقادات الداخلية على التناقض بين الخطاب الثوري والفخامة المعيشية، حيث ذكر ناشطون أن "دوريات شرطة الأخلاق والفقر والبطالة ملك للشعب، بينما الحفلات المليارية بأموال الشعب هي ملك للمسؤولين".
• دفاعات رسمية: في المقابل، حاولت بعض الصحف المقربة من الحرس الثوري تخفيف وطأة الانتقادات، مؤكدة أن الحفل كان "خاصاً ونسائياً بالكامل" وأن سلوك شمخاني خلال الحفل كان "حذراً ومحافظاً". كما ذهب دبلوماسي إيراني سابق إلى احتمال أن يكون تسريب الفيديو جزءاً من "مؤامرة" لتصفية حسابات سياسية قديمة مع علي شمخاني، الذي شغل مناصب رفيعة جداً مثل أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي سابقاً.

الخلاصة: الزفاف الذي كشف الفجوة

يُعد حفل زفاف ابنة علي شمخاني مثالاً صارخاً على الفجوة المتزايدة بين النخبة الإيرانية الحاكمة وعموم المواطنين. فبينما يتم فرض أشد القيود الاجتماعية على عامة الشعب، تكشف هذه التسريبات عن نمط حياة فاخر ومتحرر نسبياً يتمتع به أبناء المسؤولين. ومع الرد المثير للجدل الذي أطلقه مستشار المرشد الإيراني، يبدو أن هذا الجدل لن ينتهي قريباً، بل سيستمر كوقود للانتقادات الموجهة ضد المسؤولين الإيرانيين وازدواجية سلوكهم.