في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة التطوير، وتتطلّع فيه المحافظات إلى تجارب ملهمة تُعيد للشارع هيبته وللمواطن كرامته، برزت محافظة المنيا بقيادة اللواء عماد كدواني كنموذج استثنائي في تحقيق معادلة صعبة: وسائل مواصلات آدمية تحفظ الحياة، وتحترم الإنسان.

لقد كانت شوارع المنيا، ذات يوم، تشهد فوضى مركبات "البيك أب" التي اختلط فيها النقل بالخطورة، وداهمت الأرواح بلا نظام. مركباتٌ صُنعت لحمل البضائع، فحملت أبناءنا وعمالنا وفلاحينا في طرق محفوفة بالموت، لكن جاء القرار من قلب الإدارة الواعية بأن الوقت قد حان لوقفة حاسمة، وموقف مسؤول.

المنيا تُلغي مشهد العشوائية وتفتح أبواب الأمل

لم يكن الحظر مجرد قرار مروري، بل كان مشروعًا إنسانيًا حملته المحافظة بوعيٍ وحنكة، ليصبح اليوم حديث المجالس النيابية ومحل إشادة تحت قبة البرلمان.

فحينما تقدّم أحد النواب مؤخرًا بطلب إحاطة يُطالب بحظر "البيك أب" في نقل الركاب على مستوى الجمهورية، كانت تجربة المنيا هي المثال الأول والوحيد الذي استشهد به، لتكون المنيا أول محافظة تمهد الطريق لقرار وطني جامع.

تجربة استثنائية اتّسمت بالحزم والرحمة معًا؛ فمن جهة، فعّلت المحافظة قانون المرور وواجهت المركبات المخالفة بالغرامات والحجز، ومن جهة أخرى، مدّت يد العون للسائقين، وقدّمت لهم بدائل مُنظمة وتيسيرات في تبديل المركبات، حفاظًا على أرزاقهم، وضمانًا لسلامة المواطنين.

اللواء عماد كدواني.. قائد تحوّل ورؤية تتجذّر

بحكمة القائد ووعي المسؤول، أدرك اللواء عماد كدواني أن كرامة المواطن تبدأ من وسيلة نقله، وأن الحضارة ليست ناطحات سحاب، بل سيارة منظمة، ومقعد آمن، وسائق محترف. فقاد جهودًا مكثفة لإعادة هيكلة منظومة النقل بالمحافظة، بدءًا من الحظر الصارم لوسائل النقل العشوائية، ومرورًا بتوفير بدائل جماعية ومجهزة، وانتهاءً بوضع خطة مستدامة ترتقي بجودة الحياة في جميع مراكز وقرى المحافظة.

وقد انعكس هذا التحوّل في انخفاض معدلات الحوادث، وارتفاع وعي السائقين، وشعور المواطنين بأنهم ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح تُصان وحقوق تُحترم.

المنيا تلهم المحافظات الأخرى

تحوّلت تجربة المنيا إلى قبلة للباحثين عن حلول حضارية لمشكلات النقل، ومصدر إلهام لقرارات برلمانية تسعى إلى تعميم النموذج الناجح على مستوى الجمهورية. فاليوم، لم تعد المنيا مجرد محافظة تطبق قرارًا، بل أصبحت رمزًا لريادة محلية استطاعت أن تربط بين القانون والعدالة الاجتماعية، وبين التنمية والكرامة الإنسانية.